ملخص التنظيم الاداري PDF
يعتبر التنظيم الإداري أحد المرتكزات الأساسية التي يقوم عليها البناء المؤسساتي للدولة، إذ يشكل الإطار القانوني والعملي الذي تنظم من خلاله مختلف الهياكل والإدارات العمومية، وتمارس عبره السلطة التنفيذية اختصاصاتها، ويتم من خلاله توفير الخدمات الضرورية للمواطنين وضمان السير العادي للمرافق العامة. ويكتسي هذا الموضوع أهمية خاصة في المغرب، بالنظر إلى التحولات العميقة التي عرفتها الإدارة المغربية خلال العقود الأخيرة، سواء على مستوى تطوير بنيتها التنظيمية أو تحديث آليات اشتغالها أو اعتماد سياسات تهدف إلى تحسين جودة الأداء العمومي.
وقد اعتمد المغرب منذ الاستقلال نموذجا يقوم على المركزية الإدارية التي تعد من أقدم الوسائل في إدارة شؤون الدولة، حيث تمكن من تركيز القرار الإداري في يد السلطات المركزية بالعاصمة، قصد تحقيق وحدة التوجيه والانسجام بين السياسات العمومية. غير أن متطلبات التنمية وشروط العصر، ومع تزايد حاجيات المواطنين وتوسع المجال الترابي للدولة، أظهرت محدودية هذا النموذج في الاستجابة الفعالة والتدبير القريب من المواطن، مما دفع المغرب إلى اعتماد مسار طويل من الإصلاحات الهادفة إلى اللامركزية والترسيخ التدريجي لاستقلال الجماعات الترابية.
وتقوم اللامركزية الترابية في المغرب على تمكين الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات من اختصاصات ذاتية ومشتركة ومنقولة، وفق مقتضيات الدستور والقوانين التنظيمية، مما يسمح لهذه الوحدات الترابية بتدبير شؤونها المحلية واتخاذ قرارات تتناسب مع خصوصياتها وحاجيات ساكنتها. وقد عزز دستور 2011 هذا التوجه بشكل كبير حينما اعتبر الجهة ركيزة أساسية في التنظيم الترابي للمملكة، وأقر مبادئ جديدة مثل التدبير الحر والتعاون والتضامن، بالإضافة إلى إحداث آليات رقابية وقانونية جديدة لضمان حسن سير المؤسسات الترابية وتحقيق التنمية المتوازنة.
وإلى جانب المؤسسات المنتخبة، يشمل التنظيم الإداري المغربي مجموعة من المؤسسات والمقاولات العمومية التي تضطلع بأدوار إستراتيجية في تقديم الخدمات الأساسية كالطاقة والماء والسكك الحديدية والصحة والتعليم، وهي مؤسسات تجمع بين الطابع العمومي وأسلوب التدبير الحديث، بما يوفر للدولة أدوات فعالة لتنفيذ سياساتها في القطاعات الحيوية.
وقد شهد التنظيم الإداري المغربي خلال السنوات الأخيرة إصلاحات عميقة، أبرزها ميثاق اللاتمركز الإداري لسنة 2018 الذي يهدف إلى إعادة توزيع الاختصاصات بين الإدارات المركزية ومصالحها الخارجية، وتحقيق التقارب بين الإدارة والمواطن، وتعزيز فعالية القرار العمومي على المستوى الترابي. إضافة إلى توجه الدولة نحو الرقمنة، وتبسيط المساطر، واعتماد الحكامة الجيدة كمعيار أساسي في تدبير الشأن العام.
إن دراسة التنظيم الإداري في المغرب تكشف عن بنية متشابكة من المؤسسات والمستويات التنظيمية، تجمع بين ما هو مركزي وما هو ترابي، وما هو إداري وما هو عمومي اقتصادي، في إطار سعي مستمر لتطوير الأداء المؤسساتي وتكييفه مع تطلعات المجتمع المغربي ومع متطلبات التنمية المستدامة. ويظهر هذا التنظيم، بتعدد مكوناته، رغبة الدولة في إيجاد نموذج إداري حديث، فعال، وقادر على مواكبة المتغيرات السريعة التي يعرفها العالم والإدارة العمومية المعاصرة.
للاطلاع اضغط على رابط
https://drive.google.com/file/d/1EPa7pJeYeNrMjDYreiHt4h2z_gZgBCI-/view?usp=drive_link
