القانون رقم 70.03 المتعلق بمدونة الأسرة PDF
ابتداء من سنة 2023 انطلق في المغرب ورش جديد لإصلاح مدونة الأسرة، بعد مرور ما يقارب عشرين سنة على اعتمادها لأول مرة سنة 2004. هذا الإصلاح جاء استجابة لتوجيه ملكي واضح يدعو إلى تحديث المدونة بما ينسجم مع مبادئ العدالة والإنصاف، ومع التحولات العميقة التي عرفها المجتمع المغربي في بنيته الأسرية، وأدوار المرأة والرجل، ووضع الأطفال، إضافة إلى التحديات الجديدة التي أصبحت تعيشها الأسر في ظل التطور الاجتماعي والقانوني. وقد أكد الملك محمد السادس في رسالته الموجهة إلى رئيس الحكومة أن المدونة الحالية حققت مكاسب مهمة، لكنها أصبحت تحتاج إلى مراجعة حتى تواكب الواقع وتسد الثغرات التي ظهرت في تطبيقها على مستوى المحاكم والمجتمع.
ويقوم هذا الإصلاح على رؤية جديدة تعتبر أن نجاح مدونة الأسرة لا يقاس فقط بنصوصها القانونية، بل بقدرتها على حماية كرامة المرأة، وضمان المصلحة الفضلى للطفل، وتعزيز الاستقرار داخل الأسرة. لذلك تم إشراك قضاة ومحامين وخبراء في القانون والشريعة، إلى جانب هيئات المجتمع المدني، وخاصة الجمعيات النسائية والحقوقية، بهدف صياغة مقترحات تراعي التوازن بين روح الشريعة الإسلامية والقيم الكونية لحقوق الإنسان التي التزم بها المغرب.
وتتجه مقترحات التعديل نحو تعزيز مكانة المرأة الحاضنة من خلال منحها الولاية القانونية على الأطفال وتمكينها من اتخاذ القرارات الضرورية لحياتهم، وهو ما يشكل تحولا مهما عن الوضع السابق الذي كان يحصر الولاية في الأب وحده. كما تقترح المراجعة وضع قيود صارمة على التعدد، تشمل ضرورة توفر مبرر استثنائي، والتأكد من القدرة المالية، واستدعاء الزوجة الأولى وإعلامها، مما يجعل التعدد في حدود ضيقة للغاية. أما بالنسبة لسن الزواج، فيتجه الإصلاح نحو الحد من الاستثناءات التي كانت تسمح بزواج القاصرات، مع التشديد على احترام سن 18 سنة كقاعدة عامة.
كما يسعى الإصلاح إلى تبسيط مساطر الزواج والطلاق وتقوية الضمانات القضائية، بما في ذلك اعتماد الوسائل الرقمية في التوثيق، وتخفيف الإجراءات التي تطيل أمد النزاعات الأسرية. وفي ما يتعلق بالحقوق المالية بين الزوجين، تطرح إمكانية تنظيم أفضل لتدبير الأموال المكتسبة أثناء الزواج، بما يسمح بالاعتراف بالمساهمة المادية وغير المادية للزوجة، خصوصا في حالة الطلاق أو الوفاة.
وتتضمن الرؤية الإصلاحية كذلك معالجة بعض الإشكالات المرتبطة بإثبات النسب، والكفالة، والزيارة، والنفقة، بما يعزز حماية الأطفال في مختلف أوضاعهم، ويضمن لهم بيئة أسرية أكثر استقرارا وأمانا. ورغم أن هذا الورش الإصلاحي أثار نقاشا واسعا داخل المجتمع المغربي، بين مؤيد يرى فيه خطوة نحو مزيد من العدالة، ومحافظ يخشى الابتعاد عن الأحكام الشرعية، فإن الإجماع قائم على أن تحديث المدونة أصبح ضرورة ملحة لضمان أسرة متوازنة ومنسجمة مع واقع القرن الواحد والعشرين.
وبذلك يشكل إصلاح مدونة الأسرة ابتداء من سنة 2023 محطة أساسية ضمن مسار طويل لتطوير التشريع الأسري بالمغرب، هدفه الأول هو بناء أسرة أكثر عدلا، تحترم حقوق جميع أفرادها، وتقوم على قيم المساواة والمسؤولية المشتركة، بما ينسجم مع اختيارات المغرب الدستورية والحقوقية.
لتحميل اضغط على رابط
https://drive.google.com/file/d/1Bd9R8wVJIy60akYDxp4t7ZiFDUTynIxn/view?usp=drive_link
